في اليوم العالمي للعدالة الإجتماعيّة – 20 شباط/ فبراير
ظاهرة العنف ما زالت تستشري في مجتمعاتنا!
مجلس كنائس الشرق الأوسط يسهم في الحدّ منها عبر جلسات توعية في لبنان
مجلس كنائس الشرق الأوسط
هي ممارسات مهدّدة للحياة، وللصحّة، وانتهاك لحقوق الإنسان، تتطلّب توفير الحماية العاجلة للمتضرّرين... بهذه العبارات تقدّم المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين تعريفًا حول إحدى أكثر الظواهر الإجتماعيّة الّتي تهدّد سلامة الإنسانيّة والّتي تكمن في مسألة العنف القائم على النوع الإجتماعي. الّا أنّ هذه العبارات ليست مجرّد كلمات وشعارات وحبر على ورق وإنّما تصف واقع مرير يعبّر عن لا عدالة اجتماعيّة ويدقّ ناقوس الخطر خصوصًا مع ارتفاع نسبة العنف حول العالم وفي الشرق الأوسط.
والسبب؟ لا بل الأسباب كثيرة، لا تُعد ولا تُحصى، وتتعلّق بشكل مباشر بالضغوط اليوميّة الناجمة عن الظّروف المعيشيّة العصيبة جرّاء الأزمات والصراعات الّتي ترخي بظلالها في كلّ أنحاء الأرض خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط الّتي لطالما عانت من تحدّيات اجتماعيّة جمّة. لكن ما هي الحلول؟ وإلى متى سيبقى العنف منفذًا لكُثر؟ أسئلة نضعها برسم المعنيّين!
على الرغم من أنّ معظم الضحايا والناجين من العنف القائم على النوع الإجتماعي هن من السيّدات والفتيات، الّا أنّ الرجال والشباب يعانون أيضًا في العديد من الأحيان من هذا العنف الّذي لا يعرف حدودًا اجتماعيّة أو اقتصاديّة أو ثقافيّة أو وطنيّة. وصحيح أنّ العنف القائم على النوع الإجتماعي يقوّض الكرامة والسلامة والصحّة الجسديّة والنفسيّة، فهو يبقى في الكثير من الحالات محجوبًا بثقافة الصمت لا سيّما مع غياب قوانين مجدية أو ربّما انعدام تطبيق لقوانين تحمي المتضرّرين نتيجة للسّياسات المجحفة بحقّهم الّتي تتّخذها بعض الدول وبشكل غير عادل.
جلسات توعية
في هذا الإطار، يسعى مجلس كنائس الشرق الأوسط، عبر مختلف برامجه الإنسانيّة، إلى التوعية حول مخاطر العنف كي يسهم بالتّالي في الحدّ من هذه الظاهرة الّتي تعاكس القيم الإنسانيّة الّتي بتنا نفقدها والمبنيّة على المحبّة والسلام والعدالة والتضامن والتعاضد... من هنا، تنفّذ دائرة الدياكونيا والخدمة الإجتماعيّة، مكتب لبنان، في المجلس، وخلال كلّ أيّام السنة، جلسات توعية للسيّدات والرجال والمراهقين والأطفال تأكيدًا على ضرورة العيش بكرامة والمساواة بين الجنسين.
تهدف هذه الجلسات إلى تمكين المستفيدين ودعمهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، حيث تتضمّن فقرات متنوّعة، تعليميّة وترفيهيّة تضيء على مختلف أنواع العنف والتداعيات الناجمة عنه، وكذلك على سُبل مواجهته وأهميّة الإبلاغ عنه. كما تساعد هذه الجلسات المستفيدين على التعبير عن مشاعرهم وكلّ ما يزعجهم في مساحة آمنة. هذا وتوفّر الجلسات أيضًا مرافقة صحيّة ونفسيّة واجتماعيّة مع متخصّصين من مختلف المجالات بهدف مساندة المستفيدين في تخطّي كلّ المصاعب الّتي تحيط بهم في حياتهم اليوميّة.
المساواة بين الجنسين
خلال إحدى هذه الجلسات الّتي تنفّذها دائرة الدياكونيا والخدمة الإجتماعيّة، مكتب لبنان، في مجلس كنائس الشرق الأوسط، التقينا مع مجموعة من السيّدات المستفيدات في مستوصف السيّدة العذراء التابع للمجلس، في منطفة السبتيّة - جبل لبنان، حيث أعربن عن مدى حاجتهنّ إلى الحديث عن مشاكلهنّ وإلى دعم نفسيّ يخفّف من أوجاعهنّ.
في هذا السياق، شدّدت السيّدة ناهد على أهميّة هذه الجلسات في الإضاءة على حقوق المرأة والتشديد على المساواة بين الجنسين، مؤكّدةً على ضرورة التعاون معًا كسيّدات، ومتمنّيةً على كلّ سيّدة أن تسعى وتعمل بجهد من أجل تحقيق أحلامها. بدورها، أشارت السيّدة مارلين إلى أنّ الله خلق المرأة والرجل بشكل متساوٍ لذا يجب العمل على تحقيق التوازن بين الجنسين في المنازل والمجتمعات، وبالتّالي من الضروري أن تعتمد كلّ مرأة على نفسها. أمّا الآنسة نويل فتطرّقت إلى موضوع متابعة الصحّة النفسيّة مع طبيب نفسيّ، معبّرة من جهّة أخرى على أنّها لم تكن تدرك أنّ الرجال بإمكانهم تنفيذ الكثير من المهام الّتي اعتادت السيّدات على القيام بها، ونصحت جميع الشباب على متابعة دراستهم وعدم التأثّر بالأزمات الإجتماعيّة.
مرافقة صحيّة ونفسيّة واجتماعيّة
من جهّته، أكّد المدرّب والمتخصّص في العنف القائم على النوع الإجتماعي د. سمير شلاوويت وهو من فريق مجلس كنائس الشرق الأوسط على أنّ هذه الجلسات تتيح الحديث عن بعض المواضيع الشّائعة المهمّة والخطرة في المجتمعات. وقال أنّ "من خلال جلسات التوعية حول العنف القائم على النوع الإجتماعي، ننفّذ العديد من الأنشطة الّتي تساعد المستفيدين على الإهتمام بصحّتهم النفسيّة، وأيضًا فهم مشاكلهم من أجل مواجهتها بشكل سليم وصحيح".
وأضاف أنّه "في هذه الجلسات نسلّط الضوء على كيفيّة الإبلاغ عن المشاكل والحديث عنها في مكان آمن دون التعرّض لأي نوع من المخاطر. كما يتعلّم المستفيدون سُبل الإهتمام بصحّتهم، والتعبير عن آرائهم دون أي أحكام مسبقة. وهذا ما يعزّز ثقتهم بأنفسهم، وقدرتهم على القيام بأنشطة مفيدة تساعدهم على التخلّص من كلّ الأعراض النفسيّة والجسديّة الّتي قد يعانون منها".
ومع كلّ المساعي الهادفة إلى التوعية حول مختلف أنواع العنف وتداعياته في سبيل الحدّ من هذه الظاهرة الخطرة في مجتمعاتنا، قد يبقى تحقيق العدالة الإجتماعيّة بابًا لإيجاد الكثير من الحلول للمشاكل الإجتماعيّة من أجل حماية حقوق الإنسان وصون كرامته. من هنا، تشير الأمم المتّحدة إلى أنّه يتزايد زخم مفهوم مفاده أنّ تعزيز العدالة الإجتماعيّة ينبغي أن يكون الهدف الرئيس الّذي تسترشد به كلّ السياسات الوطنيّة والدوليّة. لكن هل من آذانٍ صاغية إلى كلّ هذه المطالب الإنسانيّة؟؟
في الواقع ما زالت اللّاعدالة الإجتماعيّة قضيّة تهيمن على المجتمع العالمي حيث تحمل الكثير من الأوجاع غير المسموعة!