قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يصلّي من أجل المطرانين المخطوفين في حلب
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس:
خلال قراءتي كتاب "نظرة مواطن" لسيادة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم كنت اسمع صرخة مواطن قائد، رؤيوي متمتع بنظرة ثاقبة للأمور وبوعي واسع الأفق
لمناسبة الذكرى السنويّة العاشرة لخطف مطراني حلب، سيادة المطران بولس يازجي وسيادة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، أقام قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، صلاة على نيّة سلامة المطرانين ومعرفة مصيرهما. وذلك مساء يوم الأحد ١٦ نيسان/ أبريل ٢٠٢٣، في كاتدرائيّة مار أفرام السرياني في حلب، سوريا.
شارك في الصّلاة نيافة المطرانان مار بطرس قسيس، مطران حلب وتوابعها للسّريان الأرثوذكس، ومار يوسف بالي، المعاون البطريركي للسّريان الأرثوذكس، إلى جانب لفيف من المطارنة وكهنة الكنائس في حلب. كما شارك أيضًا في الصّلاة سماحة مفتي حلب الدكتور محمود عكام، وجمع من المثقفين والمدعوّين.
بعد الصّلاة، تمّ إطلاق كتابٍ جديدٍ بعنوان "رؤية مواطن" يضمّ مقالات ومقابلات لنيافة المطران يوحنا إبراهيم تمّ العمل على جمعها كي تُنشر للمرّة الأولى بالطبع. علمًا أنّ هذه المقالات والمقابلات تتمحور حول مواضيع مختلفة وهي المواطنة والعيش المشترك وأيضًا السريانيّة والهجرة والتهجير.
خلال اللّقاء، كانت كلمات للمناسبة حول أهميّة الكتاب والمواضيع الّتي يحملها، حيث ألقاها كلّ من الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس عبر الفيديو بعنوان "صرخة مواطن"، الدكتور أسعد السمحراني وسماحة مفتي حلب الدكتور محمود عكام.
وفي الختام، ألقى قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني كلمة وجّهها لنيافة المطران المخطوف يوحنا إبراهيم حيث عايده لمناسبة عيد القيامة، مؤكّدًا على حضوره الدائم في صلوات الكنيسة، مشيرًا إلى أنّ "الخطف لم يستطع تغييبه عن أبرشيّة حلب الّتي تحبّه وما زالت تظهر الوفاء له". وقال أيضًا أنّ "المطران يوحنا إبراهيم لم يكن مطرانًا للسريان الأرثوذكس في حلب فقط، بل كان مطرانًا لكلّ الكنيسة، يناضل في سبيل الدفاع عن المبادئ الّتي كان يؤمن وينادي بها".
نورد هنا النصّ الكامل لكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس:
صرخة مواطن
قراءة في الهوية والانتماء والمستقبل عند المطران المغيب غريغوريوس يوحنا إبراهيم
عرفت المطران غريغوريوس يوحنا إبراهيم في ثمانينات القرن الماضي، وكنت آنذاك مدير برنامج لبنان في مجلس كنائس الشرق الأوسط، وكانت الحرب في لبنان تستعر نارها ملتهمة الأخضر واليابس.
كانت المنطقة كلها تشعر انها على فوهة بركان، لما للبنان من تأثير على توازنات المنطقة المسماة بالشرق الأوسط، ولما يمكن ان يكون للبنان من دور في اختلال توازنات المنطقة برمتها، خصوصا لجهة مشروع الاوطان الاثنية-الدينية الذي جرى الترويج له كثيرا والذي شكل عنصر استقطاب لبعض الجماعات الباحثة عن امان.
تناقشنا أكثر من مرة بمواضيع شتى، اغلبها يتصل بما ورد في كتابه القيم الذي هو بين يدينا، والذي لا بد لي ان اهنئ من أشرف على توليفه واخراجه وطباعته من اجل وضعه بين يدي العامة والمهتمين بموضوع اعتبره موضوع الساعة، اذ تعيش منطقتنا اليوم ازمة معقدة لمجموعة هويات مركبة، فقدت عقدها الاجتماعي الذي يتوق اليه المطران يوحنا في كتابه هذا.
وجدت فيه، عدا عن الانسان اللطيف والدمث الطباع، انسانا ذو وعي سياسي واجتماعي متقدم، وكم شعرت ان انتماءه الوطني لا لبس فيه، وانه يعتبر هذا الانتماء حجر زاوية في دوره كراعٍ كنسي، مسؤول عن الناس، عن وجودهم ومصالحهم ومستقبلهم، بقدر ما هو مسؤول عن ايمانهم، وهذا ما دفعني الى القبول بمهمة تقديم تحليل لأحدى ابعاد الكتاب، رغم ضيق الوقت وكثرة المهمات والتحضير للسفر. لقد اعتبرتها فرصة لكي نضيء على جانب من فكر هذا الربان، والذي سماه الناشر امير السريان عن حق.
لدى قراءتي السريعة للكتاب، وتركيزي على القسم المناط بي منه، فوجئت بغنى المقاربات وغزارة الأفكار، اذ لم أكن قد قرأت له قبل ذلك، بل كان جل تواصلي معه خلال الاجتماعات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط. ايقنت خلال قراءتي كم ان الرجل يكتنز فكرا نيرا ورؤية واضحة، كنت قد استكشفت ملامحها في الماضي، ولكن ضمن حدود فترات اللقاء المحدودة.
اول ما يلفت النظر في الكتاب، وهو كناية عن نصوص مجموعة حسنة التنسيق، هو المقاربة المنهجية والتماسك الفكري لدى الكاتب، حيث لا يلج موضوعا حساسا وموضع جدال، مثل الهوية، من دون تحديد اولي لمفاهيم أساسية، بحيث يزيل أي لبس مفاهيمي بينه وبين القارئ. هذا الانسجام الفكري مع الذات يطبع كافة الأقسام التي طالعتها في الكتاب.
من الواضح، بشكل لا لبس فيه، ان مقاربة المطران يوحنا في موضوع الهوية والمواطنة، والتي يسقطها على مسيحيي المشرق، هي مقاربة متقدمة من الناحية السوسيولوجية، حيث يضع العقد الاجتماعي في اول أولوياته، ويقدم البعد الثقافي في الهوية على أي بعد آخر. مقاربته للمجتمع هي مقاربة تنزع نحو الوحدة الاجتماعية مع احترام التنوع وصولا الى التعددية.
هذه المقاربة الوحدوية، قائمة على منحى اندماجي غير تذويبي، قائم على التفاعل والتناضج بين مكونات المجتمع الثقافية، ضمن الأرض الواحدة، الوطن الواحد، ويعطي وزنا للتفاعل التاريخي ويركز على دوره في خلق هوية المواطن.
اما عندما يتكلم عن السريان، فإننا نلمس لديه وعيا واضحا لدورهم في بناء الحضارة، مع تركيز على دور اللغة السوريانية كوسيلة تفاعل بين مركبات الانتشار السورياني، كما تشكل وسيلة نقل للذاكرة بين أجيال السريان. انها مخزون الذاكرة.
على صعيد متصل، يعتبر ان الايمان المسيحي قد شكل عنصرا أساسيا في تكوين الهوية السوريانية، حيث نقل هذا الايمان الناس، من الحالة الوثنية الى الحالة الايمانية.
انطلاقا من ذلك، يعتبر سيادته ان للكنيسة، وعلى رأسها البطريرك، دورا مركزيا في الحفاظ على الهوية أيضا، كونها تُمأسس العلاقات بين المؤمنين وقيادتهم، كل ذلك في مفهوم جامع تكاملي للكنيسة التي يعتبر ابناءها مزيجا من الناس لا يميز بينهم لا لون ولا عرق ولا أي مكوِن آخر من مكونات الهوية.
في نفس السياق المرتبط بالهوية، وفي وعي متقدم لدينامياتها، يشير المفريونو ان الهوية ليست كماً جامدا متحجرا، بل هي بناء اجتماعي دينامي، خاضع للتغيرات حسب الأزمنة والامكنة، اذ يميز بين من بقي على نقاء السوريانية، ومن اندمج في ثقافات أخرى، لا بل ذاب فيها.
على هذا المستوى من العرض، يشدد بصراحة لا تترك مجالا للتأويل، على ضرورة الحفاظ على اللغة والهوية ضد محاولات واخطار الاستلاب الثقافي الذي يقضي عليها، ويستعين بالتاريخ كمنهج لحفظ الهوية والثقافة، حيث يركز على تجذرها في التاريخ.
الى جانب خطر الاستلاب او التذويب الثقافي، يشير المطران يوحنا الى خطر آخر اشد فتكا، الا وهو التشرذم في الهوية السوريانية، حيث ان تعدد التسميات في المدى السورياني، أشوري وكلداني وسورياني، قد أدت الى ان تبتعد كل مجموعة عن بعضها، ولم تفلح إعادة الضم بترميم هذا التباعد.
لقد اعتبر سيادته ان عدم التوافق بين مختلف مكونات المدى السورياني، قد أدى الى ضعضعة الهوية، وتنج عن ذلك تمادٍ في التشرذم والضياع.
في خضم هذه التحليلات، يلج المطران يوحنا الى مجال متصل واساسي، ينعكس بشكل مباشر على المواطنة والهوية والحضور السورياني في ارض اجادهم، هو الاشتراك في الحياة او ما اصطُلح على تسميته العيش المشترك. هذا مجال لا يمكن تجاهله، اذ ان المدى السورياني متداخل مع مكونات اجتماعية تختلف عنه في كثير من الابعاد ولا بد من وجود نمط ما لحياة مشتركة سليمة وبنّاءة.
مقاربته في مسألة الحياة المشتركة لا تختلف بتاتا عن مقاربته لمسألة الهوية اكان من ناحية الانفتاح ام من ناحية التفاعل والتناضج بين الجماعات التي تكوّن مجتمعاتنا الحديثة، الشديدة التنوع والمتعددة الهويات الفرعية التي يجب ان تصب، بفضل حسن إدارة التنوع، في هوية واحدة جامعة، تحترم الفروقات وخصوصيات الجماعات، وتمنع ان تتحول الى سبب لدمار المجتمع. مقاربته لمسألة الاشتراك في الحياة قائمة على منحى توحيدي، حواري، علائقي، نابذ للتنافر وللنزاعات.
ان دل هذا الامر على شيء، فإنه يدل على فكر منسجم مع ذاته، قائم على قناعات راسخة اصيلة وعميقة، وهذا الامر أساسي في المنهج الفكري للمطران يوحنا إبراهيم.
في رؤيته للاشتراك في الحياة، يعتبر المطران ان الأسلوب يقوم على إيجاد القواسم المشتركة بين الناس، او المكونات المجتمعية، والبحث عن ما يجمع وليس عن ما يفرق، مع حرص شديد على مقاومة النزعة الالغائية بين الجماعات، مما يعني حكما انه ينبذ الفتنة والعنف بمختلف تجلياتهم.
ولكن هذا البحث عن المساحات المشتركة، التي تترجم عنده تجانسا عميقا مع الشريك الأخر في الوطن، تشمل حكما ان تكون هناك محافظة على حقوق كافة مكونات المجتمع، أي ان يترافق ذلك مع عدالة ومساواة على كافة الصعد، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
المواطنة عند المطران يوحنا قائمة على الوطنية، اذ نجده يتكلم عن الايمان بالأرض والعطاء المتواصل للوطن، وهنا تكمن جذور فكر الانتماء عنده. الوطن انتماء وتفاني وواجبات وحقوق. بالنسبة اليه الانتماء يكون للوطن، لا للدين.
بناء على هذه الرؤية، يقف المطران يوحنا بشدة ضد الهجرة، التي تقلقه، ويعود اليها مرارا في نصوصه، اذ يعتبرها نهاية مطاف علاقة الانسان مع هويته وتاريخه وارضه. انها خيار الاقتلاع، كما هي خيار الاستسلام.
في شجبه لخيار الهجرة، الناتجة عن قلق بعض المكونات الاجتماعية، يعوّل سيادته على قيم حديثة مثل حقوق الانسان والكرامة الإنسانية، التي يعود اليها أيضا في مختلف اقسام نصوصه.
اما هجرة مسيحيي المشرق فتشغل باله بشكل واضح، اذ يركز عليها في جميع محاضراته ومقابلاته تقريبا.
هو يطرح أسئلة هي بمثابة تحديات وملامح استراتيجيات: ما الذي يدفعهم الى ان يتركوا ارض اجدادهم ويرحلوا، مخلفين وراءهم تاريخا سحيقا من الابداع والبذل والعطاء، على كل الصعد؟ الإرث والتراث لمن يتركوه، ولماذا؟
على هذا المستوى من التساؤل لديه، نستشف خوفا واضحا من المستقبل، قلقاً مبنية على تجارب الماضي والاحداث الأليمة التي عاشها مسيحيي المشرق، والسوريان هم في عداد من تعرض لإبادة واقتلاع وتشرد.
هذا النزيف البشري الدامي، وهذا التشتت جعل ان أصبح من كان أصل البلاد والحضارة يوضع في خانة "الأقليات"، تعبير يتوجس منه المطران يوحنا ويشدد على عدم اعتماده كمفهوم، لما له من تبعات نفسية وحقوقية وسياسية. هو لا يقبل ان يصنف المسيحيون كذلك، ولا ان يصبحوا معروضات متحفية جامدة لا دور لها سوى الشهادة على التاريخ.
والجدير ذكر هو ان، رغم المقاربات الثقافية والروحية التي تطبع منهج المطران يوحنا، فهو لا يَغرَق ولا يُغرِق في الرومانسية، اذ يتطرق الى الشق الاقتصادي الذي يعتبره أحد أسباب هجرة المسيحيين، وقد يكون السبب في هجرة مجموعات أخرى أيضا من البلاد.
في توجه متصل، يعبّر المطران يوحنا عن قلقه على الانتماء والشعور بالهوية المبتورة، ليس فقط عند الذين هاجروا، بل عند الذين بقوا، اذ أضحوا يعيشون ازمة هوية على ضوء التحولات الديموغرافية والجيوسياسية.
في جو تصاعد الأصولية الدينية، وانهيار ثقافة القبول بالأخر والقبول بالتنوع، أصبح هناك خوف على المسيحيين في ارض المسيح، اذ يعتبر انهم المجموعة الوحيدة التي تتجه الى ان تصبح غريبة في ارضها، في جو عام من اللامبالاة حول مصير المسيحيين من أقرب الناس إليهم. في هذا السياق، يورد مثلا حول كيف ان قتل مطران او كاهن يمر مرور الكرام بينما المجموعات الأخرى تحظى باهتمام أكبر عند تعرضها او تعرض قياداتها للتعديات.
ترى هل كان في لا وعيه يستشعر هذا المصير؟
هذا الانحسار العددي لدى المسيحيين، جعل ان تتصاعد اعداد الاديرة والكنائس المهملة او المقفلة، لكي تصبح أثراً بعد عين، وكم نجد منها في الحفريات الاثرية. قرى برمتها هُجرت من مئات او عشرات السنين، وكميات لا عد لها ولا حصر من الكنائس، تضافر النسيان والإهمال على طمرها.
اما الحل الأمثل للمشكلة كما يراه سيادته، فيكمن بصراحة عنده في فصل الدين عن الدولة وإرساء المواطنة الكاملة كقاعدة للعلاقات والمصالح الاجتماعية، وذلك بناء على نظرته وتحليله للأحداث التي حصلت في منطقة الشرق الأوسط، في سياق متصل مع اشادته بالتعددية والتنوع اللتان تطبعان هذه المنطقة.
قد يكون هذا المنحى هو الأمثل الذي يؤدي الى جعل المسيحيين يشعرون بالأمان والاستقرار، لان الأوضاع السائدة، والتي كانت تزداد سؤا آنذاك، جعلتهم يعيشون ازمة مصير ووجود. أصبح السؤال "المصير الى اين؟" يصبح أكثر الحاحا، خصوصا تحت الضغط النفسي المتصاعد الذي نتج عن الانحسار الديموغرافي والجغرافي للوجود المسيحي، مما رفع الشعور بالحاجة الى حماية ما، تقيهم مجريات الاحداث التي تعصف بالمنطقة.
اما بصيص الامل الذي يعول عليه الربان المفكر، فهم المثقفون والتيارات الفكرية التي يشكلونها، اذ عبر المعرفة والثقافة يكون خلاص المجتمع.
في نهاية هذا العرض والتحليل لوجه من وجوه فكر المطران غريغوريوس يوحنا إبراهيم، يمكنني ان أقول كباحث اجتماعي، ان فكره نير وتحديثي، يعتمد على أكثر مقاربات التنمية والعلوم الاجتماعية والسياسية حداثة، اذ تكلم عن الهوية الحاضنة للتنوع قبل عقد من طرحها في المحافل الثقافية والفكرية، وطرح بشكل جريء أفكارا وحلولا لم تطرح الا بعد عقد من تغييبه، وسمى الأشياء بأسمائها، دون مواربة ولا تخفي، واظهر تفكيرا استراتيجيا متقدما، وبعد نظر يتحلى بالواقعية.
فكره الصادق، وانتماؤه العميق الجذور جعلا ان يصدق قراءه القول وان يقدم حلولا مشرفة لأوضاع ومشاكل لم يكن ليعقلها عقل بشري والتي صدمت الباحثين في شتى العلوم الإنسانية نظرا لغرابتها عن عالمنا المعاصر.
اصدقكم القول من جهتي انني، خلال قراءتي نظرة مواطن كنت اسمع صرخة مواطن قائد، رؤيوي متمتع بنظرة ثاقبة للأمور وبوعي واسع الأفق.
ترى ما كان ليقول لو كان بيننا اليوم على ضوء ما آلت اليه شؤون المنطقة؟ ما كان ليشعر وما كان ليفعل عند مشاهدته ما حل بشعبنا في شمال المشرق الانطاكي؟
نحن، في مجلس كنائس الشرق الأوسط، لسنا ببعيدين عن هذه الثقافة ولا هذه القيم التي نضح بها عقل الربان المثمر المغيب.
نحن مدرسة في الانفتاح والتفاعل وعدم التمييز، ننادي بالمساواة والديموقراطية وحقوق الانسان وكرامته، لدرجة اننا جعلنا منها برنامجا متعدد المشاريع ضمن المجلس، اذ نعقد شهريا ندوة محورها الكرامة الإنسانية.
في هذا السياق، سوف نعقد، بإيعاز من اللجنة التنفيذية، ندوة في الذكرى السنوية العاشرة لغياب مطراني حلب، عنوانها "قضية المخطوفين والمغيبين قسرا – انتهاك كرامة الانسان" وما أكثر هؤلاء.
كذلك، بناء على قرار اللجنة التنفيذية للمجلس، سوف نطلق على يوم 22 نيسان، يوم خطف حبري حلب، تسمية "اليوم المسكوني للمخطوفين والمغيبين قسرا" على ان يشمل جميع الذين هم في الخطف والتغييب. إضافة الى ذلك، سوف نشكل لجنة متابعة من اجل هذه القضية التي سوف تضاف الى مشاريع الكرامة الإنسانية في مجلس كنائس الشرق الأوسط.
من حلب، الى كلس، الى مديات، الى خربوط، الى اورفه، غربا الى كيليكيا بكل حاضراتها، واللواء، وشرقا نحو طور عابدين وصولا الى حكاري، ومن مجازر بداية القرن الماضي، الى مجازر بداية القرن الحالي، حكاية تشرد وخراب وبؤس لا يبدو ان نهايتها قريبة، اذ يؤشر التقهقر الاجتماعي الثقافي الاقتصادي الى أيام قد تكون أسوأ من سابقاتها، ولا سبيل للخروج من هذا النفق التقهقري الطويل، الا عبر فكر نير كالذي نجده عند قادة مثقفين ومفكرين مثل الربان المفريونو غريغوريوس يوحنا إبراهيم.
من ثمارهم تعرفونهم.
مصدر الصور: صفحة قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني على موقع فيسبوك.