العنف ضدّ الأطفال والكرامة الإنسانيّة

الندوة الشّهريّة الجديدة عن بُعد من تنظيم مجلس كنائس الشرق الأوسط

الأمين العام د. ميشال عبس: ليعلم كل من يمارس العنف ضد طفل، اكان العنف جسديا ام لفظيا، بأنه يتطاول على وصية الخالق ويزرع في المجتمع لبنة حقد وضغينة

يتابع مجلس كنائس الشرق الأوسط سلسلة ندواته الشّهريّة حيث عقد ندوة جديدة عن بُعد بعنوان "العنف ضدّ الأطفال والكرامة الإنسانيّة"، يوم الخميس 26 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، بمشاركة مجموعة من المتخصّصين والأكاديميّين وطلّاب الجامعات والمهتمّين بالموضوع المطروح. علمًا أنّ هذه الندوة تأتي ضمن "مشروع الكرامة الإنسانيّة" - "الحوار والتماسك الإجتماعيّ - إعادة تأهيل رأس المال الإجتماعيّ"، الّذي يعمل مجلس كنائس الشرق الأوسط على تنفيذه تباعًا.

تخلّلت الندوة الّتي بُثّت مباشرةً على صفحة مجلس كنائس الشرق الأوسط على موقع فيسبوك ثلاث مداخلات، بإدارة د. شوقي عطيه الّذي ندّد في كلمته الإفتتاحيّة بكلّ مسارح العنف في العالم على ضوء ما تشهده غزّة من أخداث مؤلمة، متحدّثًا عن أنواع العنف وآثارها على الأطفال.

استُهلّت الندوة بكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي أدان فيها ظاهرة العنف ضدّ الأطفال، وقال "اذا توغلنا اكثر في الظاهرة، العنف ضد الأطفال، فإننا سوف نلج عالم الطفولة العاملة وكل كوارثها، وهي قد بدأت مع الثورة الصناعية... وصولا الى الأطفال الذين تستخدمهم الشركات التي بانتقالها الى بلدانهم نسيت ما اخترعته بلدانها من حقوق انيان وحقوق طفل ومشتقاتها... في الشق الأخر من الظاهرة، لا بد لنا من التوقف بسرعة امام العنف الذي يتعرض له الأطفال في البيت، من افراد اسرته، من الذين عليهم ان يحموه ويساعدونه على النمو".

وتابع "الطفولة في المسيحية تصنف في باب المقدس حيث قال السيد المتجسدَ: "دَعُوا ٱلْأَوْلَادَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلَا تَمْنَعُوهُمْ لِأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلَاءِ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ" مَتَّى ١٩:‏١٤. كذلك أخذ الأطفال بين ذراعيه ووضع يديه على رؤوسهم وباركهم. ليعلم كل من يمارس العنف ضد طفل، اكان العنف جسديا ام لفظيا، بأنه يتطاول على وصية الخالق ويزرع في المجتمع لبنة حقد وضغينة وبأن لعنة إيذاء هذا الطفل سوف تلاحقه الى يوم الدين.

وختم د. ميشال عبس "لكن في غياب الوعي والضمير، ما هو الرادع؟ القانونّ! ومن هو الرادع؟ هو التألف بين التشريع المجتمعي وهيئات الانماء الاجتماعي، الشريط الطبيعي للدولة في حماية المجتمع، من قاتلي الجسد وقاتلي الروح الذين قد لا تدري بهم البشر كما ورد على لسان جبران خليل جبران".

من ثمّ، بدأت المداخلة الأولى بعنوان "أطفال غزّة هم بنك الأهداف لجيش الإحتلال"، مع المحامي خالد قزمار، وهو مدير عام الحركة العالميّة للدفاع عن الأطفال Defense for Children International، حيث أضاء على تجربته وخبراته في العمل مع الأطفال مشيرًا إلى ما عاشوه من مصاعب وإجرام واحتلال. كما قال أنّ ما يحدث اليوم في غزّة هو أمر غير مسبوق، ففقدوا الأمل بأن يحدث أي تغيير.

أمّا المداخلة الثّانية فحملت عنوان "المخاطر الجسديّة والنفسيّة للغنف ضدّ الأطفال في لبنان"، مع الدكتورة جاكلين عيسى، وهي مديرة سابقة وأستاذة حاليّة في معهد العلوم الإجتماعيّة، الفرع الرابع، في الجامعة اللّبنانيّة، حيث تحدّثت من نظرة سوسيولوجيّة أكاديميّة عن الأزمات والمصادر الّتي تؤدّي إلى العنف ضدّ الأطفال وكذلك الظواهر الّتي تعمّق هذا العنف. هذا وقدّمت تعريفًا عن العنف ضدّ الأطفال، مسلّطةً الضوء على أنواعه، أشكاله وأسبابه.

بعدها، كانت المداخلة الثّالثة بعنوان "نظرة الكنيسة إلى مفهوم العنف ضدّ الأطفال"، مع الأب الدكتور شربل شلالا، وهو اختصاصي في اللّاهوت الأدبي وخلقيّات علوم الحياة، حيث تطرّق من نظرة كنسيّة إلى قضيّة العنف ضدّ الأطفال ودور الكنيسة تجاهها، مشيرًا إلى أنّ الكنيسة هي صوت الّذين ليس لديهم صوت. كما تحدّث عن التربية وثقافة الجهل إضافةً إلى موقف الكنيسة في حماية الأطفال لا سيّما عبر تعزيز دور العائلات.

إنتهت الندوة بجلسة أسئلة ونقاش بين المشاركين حيث تبادلوا الآراء والخبرات كلّ بحسب اختصاصه ومجال عمله. إلى ذلك، كانت كلمة أخيرة للأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي أشار فيها إلى ضرورة تمييز مفهوم العنف ضدّ الأطفال عن مفهوم الجريمة ضدّ الطفولة كما يجب العمل على بلورة هذا الاخير. كما شكر د. عبس الجميع على المشاركة، مشدّدًا على أهميّة التعاون والعمل معًا من أجل تخطّي هذه المرحلة العصيبة من تاريخنا الحديث.

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط يصدر الرزنامة المسكونيّة لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2023

Next
Next

فبِنِعمَةِ اللهِ نِلتُمُ الخَلاصَ بالإيمانِ