تشجّعوا! أنا هو
لا تخافوا!
د. ميشال أ. عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
هذا هو شعار الجمعية العامة الثانية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، تعقد لأول مرة على أرض مصر والمجلس يُشرف على عيد تأسيسه الخمسين.
من كلّ أقطار المعمورة نَفِد إلى أرض الكرازة المرقسيّة من أجل أن نجتمع مجدّدين العهد على التواصل والتكاتف في الإيمان والمحبة والخدمة.
قيادات روحيّة ورعاة ومندوبي مؤسسات دوليّة وشركاء محليّون وعاملون في مؤسّسات المجلس، كلّهم قادمون ليسمعوا ما لموئل المسكونيّة في الشرق الأوسط أن يقول لهم.
كلّهم قادمون ليقولوا لنا مكنونات صدورهم وليسمعوا منّا هواجسنا وتطلّعاتنا.
خمسة أيام سوف تكون تاريخيّة، يتفاعل فيها الشرق والغرب في بوتقة مسكونيّة بعد سنوات من الإنقطاع سبّبته الجائحة.
كلّهم قادمون باسمك، وعلى اسمك، أيّها المتجسّد، مفعمون بإيمانك وخلاصك وقيمك التي تغيّر وجه العالم.
كلّهم معنيون بمصير الإنسانيّة وبالعدالة والسلام في العالم إنطلاقًا من تعاليمك وقدوتك.
المسيحيّون في الشرق الأوسط يجتمعون في إطار مجلسهم المسكوني وفي أرض إيمان وقداسة.
المسيحيّون هم أبناء الشرق الأوسط ومنها نشروا العقيدة في العالم وهم معنيون بمصير كل أبناء مجتمعاتهم، بمصير هذه المنطقة التي أصبحت تتوق إلى استقرار طويل الأمد.
هذه الجمعية العامة مسيحيّة، مسكونيّة، إنسانيّة، تنشد الحق والعدالة والنماء لكلّ أبناء المنطقة. هذه الجمعية العامة توحيديّة للإنسان والمجتمع في منحى المساواة في الحقوق والواجبات والمواطنة الكاملة الحاضنة للتنوّع، القابلة للتمايز.
هذه الجمعية العامة حوارية ستناقش سُبُل تجويد الحياة على الأرض، وفي مجتمعاتنا المكلومة خصوصًا.
سوف تتدارس هذه الجمعية العامة المواضيع التي اعتبرت أولويّة بالنسبة إلى فريق العمل المركزي كما إلى لجان المجلس المسكونيّة.
في بداية الجمعية ستكون كلمات تأمّل ووجدان وترحيب من قيادات الكنائس، تتبعها محاضرات عن موضوعها قبل الإنتقال إلى الشؤون الإدارية التدبيرية ومن ثم المواضيع الاستراتيجية وذات الأولويّة لعمل المجلس.
سوف تناقش هذه الجمعية الدياكونيا، الإغاثة والخدمة الإجتماعيّة والتنمية وسبل تطويرها والتعامل مع أولويات مستجدة عبرها في منطقة تعاني من التهجير واللجوء والفقر ما لا يجب أن تقبل به البشريّة.
سوف تناقش في هذه الجمعية سبل تفعيل التواصل بين الناس والجماعات وأنجع الأساليب لمناصرة قضايا الحق والعدالة في منطقتنا كما في العالم. الظلم كبير والتضليل أكبر ولذلك تتصاعد ضرورة عمل تواصل ومناصرة متقدم، يعتمد الأساليب الحديثة في الوصول إلى الناس.
سوف يناقش المجتمعون أيضًا الحضور المسيحي في المنطقة والعلاقات بين الكنائس وبينها وسائر مكوّنات المجتمع، كما سيحتلّ موضوع العدالة البيئيّة حيّزًا كبيرًا لما للبيئة من أهميّة في حقبة يجري فيها تدمير خليقة الرّب بشكل منهجي ممّا يجعل مستقبل الجنس البشري مهددًا.
أمّا إشكالية إعادة بناء رأس المال والتماسك الإجتماعيين في مجتمعات ما برحت تشهد تفككًا لبُناها منذ عقود، فسوف يأخذ حيزا كبيرًا من المناقشات والمقترحات في توجّه حواري يقرّب الجماعات المكوِّنة لمجتمعات الشرق الأوسط من بعضها البعض. في هذا السياق، تحتلّ الأبحاث عن الكرامة الإنسانيّة والعمل على إعادة ترسيخها كقيمة مركزية في حياتنا مكانة مميزة.
أمّا إشكالية استدامة المجلس كمؤسّسة وتطوير إداراته وتأمين موارده الضرورية للإستمرار بكلّ هذه المهام التي أخذها على عاتقه فسوف تكون موضع مناقشة أيضًا، إذ إنّ المؤسّسة هي حجر الزاوية للقيام بكلّ هذه الأعمال ومن دون تكوين مؤسّسي صلب ومتماسك، سوف يبقى العمل المسكوني عرضة للكثير من الأخطار.
إضافة إلى ذلك، تتميّز هذه الجمعية العامة بنشاطات ثقافيّة تُعتمد للمرة الأولى في جمعيّات المجلس وسوف يكون الأمر بداية يُبنى عليها للمستقبل.
سوف يزور المشاركون أديرة ومزارات للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة كما سوف يحضرون أمسية روحيّة، تُرتل خلالها فرق من الكنيسة الترانيم التي تشتهر بها والتي تنتشر بشكل واسع على مواقع التواصل.
هذه جمعية عامة يريدها المضيفون ونحن منهم، إذ نشعر أننا أبناء الديار المصريّة، مميزة في مكانها، مركز لوغوس البابوي – دير الأنبا بيشوي، ومكوّناتها، وقد جرى التحضير لها بكلّ الحرفيّة والدقّة الممكنين لكيّ تليق بالمضيف والمستضاف.
على إسمك وفي قيامتك نجتمع أيّها الفادي، فلتظلّل روحك القدوس أعمالنا ولتلهمنا قيامتك سواء السبيل ونحن على بعد أيّام من عنصرتك.
آمين!