المسيح قام...شعنينة مباركة

د. ميشال أ. عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط 

مُربِكة هي المناسبات الدينيّة عندما لا يكون هناك توافقٌ اجتماعيّ على اعتماد تواريخ محدّدة لها.

لن ندخل في البعد اللاهوتي أو التراثي للمسألة، فهذا المجال له أربابه، ولكنّ البُعد النفسي الإجتماعي هو المُربِك، خصوصًا عندما يتعلّق الأمر بغير العارفين ببواطن الأمور، أو بغير المسيحيين من المواطنين.

أمّا أبناء الكنائس فهم معنيّون بتوحيد الأعياد كمؤشِّر لوحدة الروح عند الجماعة المؤمنة، إذ أنّ اختلاف مواعيد الأعياد هو مؤشّر انقسام وفرقة وشرذمة وليس من مؤمن بعقيدة يقبل بذلك إذ يعتبره تهديدًا لإيمانه ولوحدة أبناء عقيدته.

متى ستوّحدون الأعياد؟ سؤال يسألنا إيّاه مواطنون ومؤسّسات، حتى أنّ هناك بعض المجموعات الإيمانيّة قد وضعت نُصبَ عينيّها هدف توحيد الأعياد حصرًا.

 كان الإرباك واضحًا في المعايدات التي سرت على شبكات التواصل الإجتماعي يوم أحد القيامة لدى الكنائس التي تعتمد التقويم الغربي، إذ لا يعرف المعايدون انتماءات جميع الذين يعايدونهم الكنسيّة، أو قد يخجلوا من السؤال، فاختاروا ألا يرتكبوا خطأً أدبيًّا وارادوا أن يبقوا على كياستِهم، فأصبحوا يقولون "المسيح قام للذين يعيّدون القيامة اليوم وشعنينة مباركة للذين يحتفلون بأحد الشعانين اليوم". هكذا يُحافظ الناس على كياستِهم الإجتماعيّة ولا يجرحون خواطر أصدقائهم.

هذا تدبير اجتماعي أدبيّ حميد، ولكنّه لا يلغي مفاعيل الشرخ الذي وجد في كنيسة السيّد منذ أن أسّسها وحصّنها تجاه أبواب الجحيم.

ولكن ذلك لا يمنع أن تتكوّن في الذاكرة الجماعيّة للجماعة المؤمنة صورة عن البيعة المنقسمة على ذاتها حيث يعجز أبناءها على الإجماع حول تاريخ موحّد لصلب السيِّد وقيامته.

البُعد المعنويّ النفسيّ الإجتماعيّ لا يقلّ أهميّة عن البعد اللاهوتي إذ أنّه الوسيلة الأرضيّة الوجوديّة لتوحيد روحيّة الجماعة في ممارستها لشكر الخالق.

لا يمكننا أن نكون دعاة اتحاد مع الخالق في خليقته ولا دعاة وحدة اجتماعيّة مع باقي مكوّنات المجتمع إن لم نكن قادرين على التوحّد في ما بيننا.    

Previous
Previous

مومنتوم أسبوعيّة إلكترونيّة من مجلس كنائس الشرق الأوسط

Next
Next

معًا نتكاتف ونصلّي - الأربعاء العظيم، صلاة الزيت المقدّس