الدعم النفسي الإجتماعي ضمن بيئة آمنة
مدرسة صيفيّة للأطفال تساعدهم على استثمار وقتهم بشكل إيجابي
هذا التقرير متوفّر أيضًا باللّغتين الإنكليزيّة والإسبانيّة.
تقرير لما حلاوة
تصوير إبراهيم ملحم
مكتب سوريا
إنطلاقًا من أهميّة التعليم للأطفال بشكل بعيدٍ عن نمطيّة المدرسة الشتويّة، نظّمَ مجلس كنائس الشرق الأوسط مدرسة صيفيّة، شارك فيها 250 طالبًا وطالبة تراوحت أعمارهم بين 6 و13 عامًا، وذلك في مدرسة الآسية بمدينة جرمانا بريف دمشق.
إستهدفت المدرسة الصيفيّة الطلاب ذوي التحصيل العلمي المتدنيّ، وأولئك المتضرّرين بفعل الأزمة السورية، إلى جانب الذين فقدوا أحد والديهم أو يعيشون حياةً أسريّة مفكّكة، بهدف مساعدتهم على تفريغ الضغوطات النفسيّة لديهم والناتجة عن المصاعب الإجتماعيّة والدراسيّة.
تضمّنت أنشطة المدرسة الصيفيّة الأنشطة التعليميّة التفاعليّة في المواد الدراسيّة الأساسيّة مثل: اللغتين العربيّة والإنكليزيّة والرياضيّات والحساب الذهني، إلى جانب الرياضة والمسرح والموسيقى والألعاب والأشغال اليدويّة، بالإضافة إلى جلسات الدعم النفسي الأسبوعيّة.
كما قدّم مجلس كنائس الشرق الأوسط حصصًا مدرسيّة للطلاب المشاركين في المدرسة الصيفيّة، تضمّنت حقيبة مدرسيّة بالإضافة إلى القرطاسيّة.
منسّقة برنامج الدعم النفسي الإجتماعي في مجلس كنائس الشرق الأوسط، لميس نايفة أوضحت أنّ: "الهدف من المدرسة الصيفيّة هو تأمين الدعم النفسي للأولاد ضمن بيئة آمنة، ومساعدتهم على تفريغ طاقاتهم بعد الفترات الصعبة التي مرّوا بها، إلى جانب مساعدتهم على إكتشاف مواهبهم واستثمار وقتهم بشكل إيجابي. كما ساعدت المدرسة الصيفيّة الأطفال على تنظيم وقتهم وأتاحت لهم فرصة تكوين الصداقات الجديدة وتعلّم أمور جديدة ومفيدة".
وأضافت "المدرسة الصيفيّة، التي حملت اسم قوس قزح Rainbow، تضمّنت أنشطة مختلفة على مدار الأسبوع، تنوّعت بين الرياضة والمسرح والموسيقى والرقص والأشغال اليدويّة، هذا بالإضافة إلى جلسات الدعم النفسي وتعلّم اللغتين العربيّة والإنكليزيّة والرياضيات والحساب الذهني بطريقة تفاعليّة تختلف كليًّا عن المدرسة الشتويّة".
وأكدت نايفة أن "جو المدرسة الصيفيّة كان تفاعليًا مليئًا بالفرح والحماسة بفضل المساحة الآمنة المتوفرّة للأطفال، والتي ساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم وتفريغ طاقاتهم. بفضل الحب والرعاية والإهتمام من فريق الدعم النفسي وميسري الأنشطة في المدرسة الصيفيّة، لاحظنا تحسنًا جيدًا عند الأطفال الذين يعانون من بعض المشكلات السلوكيّة ويواجهون صعوبات في التعامل مع رفاقهم، إذ ساعدتهم متابعة فريق العمل لهم بشكل كبير على تحسين سلوكهم مع أصدقائهم ومعلميهم وحتى مع أسرهم... لقد كان تحسنًا ملحوظًا حقًا من قبل كل الفريق".
إحدى الطالبات المشاركات عبّرت عن تجربتها قالت: "كانت العطلة الصيفيّة تمرّ برتابة وملل في السنوات السابقة، لكن هذا العام كانت العطلة ممتعة بفضل مشاركتي في المدرسة الصيفيّة التي تضمنت أنشطة متنوعة مثل: الرياضة والموسيقى والكورال والأشغال اليدويّة والرسم وأيضًا درسنا الإنكليزي والعربي والحساب الذهني بطريقة ممتعة ومسليّة. استفدت كثيرًا من جلسات الدعم النفسي لأننا تعلّمنا كيف نتواصل مع بعضنا ونحلُّ مشاكلنا بطريقة سلميّة بعيدًا عن الشجار والعنف، وتعرّفنا على حقوقنا كأطفال. لقد بدأت بتطبيق كل ما تعلمتُه خلال جلسات الدعم النفسي في المنزل مع أسرتي وأختي الصغيرة، التي شاركت هي أيضًا في المدرسة الصيفيّة وقد استمتعت بهذه التجربة وهي تخبرني كلّ يوم عن الأنشطة التي تقوم بها في المدرسة".
هذا، وقد نفّذ فريق المجلس جلساتٍ حول التربية الإيجابية لأمّهات الطلاب المشاركين في المدرسة الصيفيّة، اطّلعنَ خلالها على التربية الإيجابيّة، الطريقة الصحيحة في التعامل مع الإجهاد والرعاية الذاتيّة، خصائص المراحل العُمريّة المختلفة للأطفال، التواصل الفعّال وطرق حلّ المشكلات، بهدف مساعدتهم على التعامل بطريقة أفضل مع أبنائهن وأسرهن.
وقد بلغ عدد الأمّهات المشاركات 70 سيدة، تمكنَّ من كسر دوامة الروتين اليومي الذي يعشن فيه، وانخرطن في نشاط جديد وإيجابي. كما اجتمع فريق المجلس مرّة أخرى مع الأمهات واستمع منهن كيف تمكنَّ من تطبيق كلّ ما تعلمنه بشكل عملي مع أطفالهن.
إحدى الأمهات المشاركات في جلسات الدعم النفسي قالت: "أنا أم لطفلين يبلغان من العمر 7 و11 سنة. استفدت كثيرًا من جلسات الدعم النفسي، تغيّرت تصرفاتي وسلوكي مع أطفالي بنسبة 99%، أصبحت امرأة هادئة بعد أن كنت أشعر دائمًا بالتوتر، فكنت أصرخ وأغضب وأبكي عند أي تصرف خاطئ عن طفليّ. أتمنى المشاركة في دورات أخرى مشابهة لأني بفضل هذه الدورة ارتحت نفسيًّا بشكل كبير وتمكنت من مساعدة نفسي وأسرتي أيضًا".
أضافت "أصبحنا أنا وطفليّ أصدقاء، لم أعد أتعامل معهما بعصبيتي المعهودة لدرجة تفاجأت والدتي بي. تغيّر سلوك ابنيّ أيضًا بعد مشاركتهما في المدرسة الصيفيّة، وأصبحا يتواصلان بهدوء بعيدًا عن الغضب والصراخ. طفلي الصغير حتى ما عاد عنيفًا في التعامل مع شقيقه والآخرين. أشكركم كثيرًا على المدرسة الصيفيّة وعلى الدورة الخاصة بنا".
يذكر أن المعلمين والمعلّمات وميّسري جلسات الدعم النفسي الإجتماعي الذين أشرفوا على المدرسة الصيفيّة، كانوا قد خضعوا لدورة تدريبيّة حول أساسيّات الدعم النفسي الإجتماعي وحماية الطفل، نفّذها مجلس كنائس الشرق الأوسط في وقت سابق. كما خضع ميّسري جلسات الدعم النفسي الإجتماعي، إلى دورة تدريبيّة إضافيّة تضمّنت جلسات تطبيقيّة عمليّة، لإكسابهم المزيد من الخبرة ليكونوا قادرين على تقديم الدعم النفسي المناسب للأطفال.